أهمية الصدق ومنزلته:
الصدق قيمة أخلاقية وإجتماعية عليا، قيمة في ذاتها وقيمة في مؤداها، فعن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: <إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا>.
فالصدق من دلائل الإسلام وعمق الإيمان، ولا يصبر عليه إلا من كان يرجو الله واليوم الآخر.
والصدق من صفات المرسلين، قال تعالى: “قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون” (1)، ولعظم مكانة الصدق وسمو معانيه نسبه الباري عز وجل لنفسه في العديد من الآيات البينات في القرآن الكريم، قال تعالى: “قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا” (2)، وكذلك: “قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله” (3) وأيضا: “ثم صدقناهم الوعد فانجيناهم ومن نشاء” (4)، “ومن أصدق من الله حديثا” (5).
أما على مستوى رسالة الإسلام، فقد تحلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدق منذ ما قبل الرسالة، فكان يعرف بالصادق الأمين، وعلى هذا رباه الله سبحانه وتعالى ليكون نبراسا للبشرية وقدوة للمؤمنين، ولقد شهد له المشركون بذلك قبل الرسالة، لكنهم تحولوا بعد دعوتهم للإسلام استكبارا منهم واستعلاء، يروي الطبري أنه لما نزلت آية “وأنذر عشيرتك الأقربين”، <خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد على الصفا، فهتف: يا صباحاه! فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد، فقال: يا بني فلان، يا بني عبدالمطلب، يا بني عبد مناف .. فاجتمعوا إليه، فقال: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل، أكنتم مصدقي؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبا> (6)
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل أقواله وأعماله صادقا داعيا للصدق لما فيه من سلامة ونظافة للنفس وللمجتمع، فالمجتمع الإسلامي مجتمع متعاضد مرصوص مؤسس على الإيمان والأخوة .. والصدق مدعاة للأخوة ورابط من روابطها، وطمأنينة للمجتمع ونمو صحيح لعلائقه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة” (7)، ولقد أمر الله تعالى المؤمنين بالصدق ودعاهم إليه بقوله: “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا من الصادقين” (8)، وبين لهم ما أعد للصادقين وللصادقات منهم تشجيعا ودفعا إيمانيا لمزيد من الصدق، قال تعالى: “إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات..أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما” (9).
___________________________________________________
(1): يس: 52 (2): آل عمران: 95 (3): الأحزاب: 22
(4): الأنبياء: 9 (5): النساء: 87
(6) ابن جريرالطبري – تاريخ الطبري – جـ: 2 – دار المعارف – مصر – ص: 319
(7): رواه الترمذي (8): التوبة: 119 (9) الأخزاب: 35