بقلم الشيخ الدكتور / جاسم مهلهل الياسين
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر> وفي رواية <رضي منها غيره> رواه مسلم، (يفرك: يبغض ويكره).
1- هذا الحديث يحمي المرأة من مشاعر الرجل السلبية، وأهمها مشاعر الكراهية التي تؤثر في معاملة الرجل لها، إذ أن الكراهية تمنع الرحمة، وتحرق المودة، وتبعد السخاء، وتقف وراء كثير من التصرفات السيئة الصادرة من الرجل تجاه المرأة.
2- هذا النهي من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يحمي المرأة عامة، وليس الزوجة وحدها، فهو لم يشر إلى “زوج” و “زوجة” وإنما إلى “مؤمن” و “مؤمنة”، وإن كان أكثر النهي موجها إلى الزوج المؤمن عن كراهية زوجته المؤمنة.
3- لم يقتصر حديثه صلى الله عليه وسلم على النهي عن الكراهية، بل أتبعه صلى الله عليه وسلم بالتنبيه إلى أن العدل يقتضي نفي تلك الكراهية وابتعاد الزوج عنها، ذلك أن افتقاد “المؤمنة” خلق “الأناة” مثلا قد يعوضه خلق “سرعة الإنجاز”، وافتقادها “قلة الشكر لزوجها” قد يعوضه خلق “قلة طلباتها منه”، و”ضعف اهتمامها بزوجها” قد يعوضه شدة اهتمامها ورعايتها لأولادها.. وهكذا
4- في وصف الرجل عامة، أو الزوج خاصة، بــ “مؤمن”، ووصف المرأة عامة، والزوجة خاصة، بـ “مؤمنة”، تنبيه للمسلمين بأنهم ينبغي أن يكونوا متميزين عن سائر رجال العالم وأزواجه، الذين يكرهون ويبغضون، ثم يقسون ويظلمون، بينما “المؤمنون” لا يفعلون ذلك ولا يليق بهم.
5- هذه التوصية الكريمة من النبي الكريم، لا شك في أنها ستجعل الزوج المؤمن الحريص على طاعته صلى الله عليه وسلم، يفكر كثيرا قبل أن تبدأ مشاعر البغض بالتحرك في نفسه تجاه زوجته، ألا أحب النبي صلى الله عليه وسلم؟ ألست حريصا على طاعته؟ إذن فلأبحث عن أخلاق أخرى في زوجتي أرضاها منها .. كما أوصاني بهذا صلى الله عليه وسلم.
6- لنا أن نتفاءل بأسر مستقرة مطمئنة في المجتمع، حيث يعمل الأزواج بهذه الوصية الجليلة منه صلى الله عليه وسلم، إذ أن كثيرا من الخلافات الزوجية سببها المشاعر النفسية، وقليل منها يقبله عقل أو يتفق مع منطق.
7- وأخيرا فإن في الحديث توصية عظيمة بالمرأة، ودعوة إلى سعة صدر الرجل لها، وعدم ظلمها، وإكرامها، وذلك واضح في تلك الحماية لها من أهواء الرجل وأمزجته النفسية المتقلبة.