تخلص من أنانية النفس وحب الظهور

حتى تؤتى أعمالك الصالحة ثمارها اجتهد أن تخفي عملك، فهو من الصدقات والأصل فيها الإخفاء حتى لا تعلم يمنيك ماذا أنفقت يسارك ما لم تكن في الإعلان مصلحة عامة للمسلمين وبهذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله {رجل تصدق بيمينه فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه} هذا السلوك النبيل سيجعلك تتخلص من أنانية النفس، وعن حقك في المدح والثناء من الآخرين، لأن عملك خالص لله.

نعيب زماننا والعيب فينا

لا ينبغي للمسلم أن ينشغل بعيوب الآخرين عن عيوب نفسه، ولا ينبغي له توجيه اللوم للآخرين وتعليق الخطأ عليهم وهذه ظاهرة تعمل على استمرار حالة الغضب والتوتر.

وكان الإمام الشافعي رضي الله عنه يقول :

نعيب زماننا والعيب فينا                   وما لزماننا عيب سوانا

إذن كل مسلم يجب أن يبدأ بنفسه ويبادر إلى إصلاحها ثم يتجه بالإصلاح إلى الآخرين، وليذكر قوله تعالى {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

وليس من أخلاق المسلم أن يكون كثير النقد للآخرين، لا يرى عيوب نفسه ويرى عيوب غيره.

كلامك صحيح ولكن

ينبغي على المسلم ألا يتعود تسفيه الآخرين مهما كانت أراؤهم خاطئة، فبيان الخطأ شيء، وتسفيه الرأي شيء آخر، والحوار العقلاني الهادئ يكشف الصواب ويحافظ على المودة.

ومن ثم يتسم الرأي بالرشاد وقد يجد قبولاً لدى الآخر، ولتضع في ذهنك أثناء الحوار أنك لا ينبغي أن تكسب موقفاً بقدر ما تسمو نفسك إلى أن تكسب شخصا، لأن ذلك يؤدي إلى التواصل مع الآخرين مع عدم إهمال النصيحة.

ومن أدبيات الإسلام الإنصات الجيد إلى المتحدث وعدم مقاطعته أثناء كلامه، وحينما تأتي فرصة تعليقك أو الرد سوف تجد قبولاً لدى الآخرين الأمر الذي يجعلهم يبادلونك الأسلوب نفسه في الإنصات إليك بكل اهتمام ودون مقاطعة.

أضف إلى ذلك ضرورة بث الحماس والتشجيع في محدثك إن عمل عملاً طيباً يستحق ذلك، فلا ينبغي أن نبخل عليه بكلمات التقدير والتشجيع، ويمكن أن يأتي ذلك بمردود إيجابي يجعله يتعاطف مع فكرتك.

خيرهم الذي يبدأ بالسلام

أخذ زمام المبادرة في مجال الخير يعدّ من الفضائل، إذ حث الإسلام على عدم التقاعس والاستكانة، ويزداد هذا المبدأ أهمية وفاعلية إذا كان في مجال إصلاح ذات البين {فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} أو إلقاء التحية {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} أو إظهار الحب والمشاعر الطيبة.

هذه قيم إسلامية تعمق الصداقات الحميمة وتكسبك صداقات جديدة، فكونك على حق ليس أهم من أن تكون سعيداً ولكي تكون سعيداً فعليك أن تتسامح وتبدأ بالحديث إلى من قطعك.

هذا التنازل من أجل تحقيق السعادة سوف يكسبك فضائل التسامح والمبادرة والمسالمة وود الآخرين وسوف يجعلك صافي القلب ولعلنا نذكر هذا الرجل الذي بشر بالجنة لأنه كان يبيت وليس في قلبه غلاً أو حقداً لأحد.

ولتضع في ذهنك على أسوأ الفروض أنه إن لم يستجب لك الآخرون فيكفي أنك تشعر بالرضا لأنك حاولت أن تخلق جواً مليئاً بالحب والتسامح.

فلا تستنفد طاقتك في أن تنشغل بهجران هذا وخصام ذاك، وتمثل مقولات النبي صلى الله عليه وسلم {لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم … أفشو السلام بينكم}.