بقلم: الشيخ الدكتور جاسم بن محمد بن مهلهل الياسين

الأجواء الساخنة التي يعيشها العالم هذه الأيام بسبب الحرب المحتملة التي قد تقوم في المنطقة، وخاصة بعد التصريحات الأمريكية الأخيرة التي ما إن هدأت حتى عادت أكثر سخونة وصراحة في حتمية التغيير السياسي في العراق، والحقيقة إننا نعجب كل العجب من المحللين السياسيين الذين يتحدثون عن خطط عسكرية تم تسريبها عن الحرب المقبلة، كما نعجب من تصريحات بعض الرموز السياسية وبعض رموز المعارضة العراقية وبعض الدبلوماسيين وكبار الكتاب والمحللين حول هذه الضربة، وكأن الإدارة الأمريكية من السطحية والغباء لكي تسرب ما تنوي أن تفعله في العراق.

نحن نعتقد أن الأهداف الأمريكية الاستراتيجية في المنطقة تتعدى العراق كبقعة جغرافية ونظام سياسي منعزل عن الواقع المحيط، وتتعامل مع المنطقة ككتلة جغرافية شرق أوسطية بها كثير من المصالح السياسية التي تقف خلفها مجموعة معقدة ومتشابكة من الأسباب الاقتصادية والحضارية والدينية لتشكل في النهاية القرار الأمريكي في المنطقة00

ففي عام 1991م توقع الجميع أن الضربة ستأتي من الشرق فباغتت القوات الأمريكية الجميع

المحللون السياسيون يتحدثون عن خطط الحرب وكأنهم حضروا اجتماعات القيادة الأمريكية، ونسوا أنهم عام 91 توقعوا الضربة من الشرق فجاءت من الغرب.

وجاءت من الناحية الأخرى في الغرب، وقد حققت هذه الحركة هدفاً عسكرياً رئيسياً حربياً وهو مباغتة الضربة الأولى للقوات العراقية، حتى إن كبار رؤساء الدول لم يعلموا بالضربة إلا قبلها بساعتين، وكان هدف الحرب الرئيسي هو تحرير دولة الكويت، فكيف يستقيم أن تسرب الإدارة الأمريكية خطط الحرب وهي تريد هذه المرة أن تدخل عش الدبور!!

من جهة أخرى يرى البعض أن تسريب الخطط العسكرية للحرب ما هي إلا إشارات وعلامات واضحة على درجة الاختلاف بين الحمائم والصقور في الإدارة الأمريكية، لكن الأمر قد لا يكون بهذه الصورة، بل قد يكون التسريب متعمداً وخصوصاً أن هناك أكثر من خطة معلنة للحرب، ولو كانت هذه الخطط صحيحة لكانت تحمل سيناريو واحداً، ولكن المقصود من ذلك كله هو إرباك القيادة العراقية وإشغالها بهذه التسريبات، مع دراسة أفعالها والإجراءات الاحترازية التي تتخدها القيادة العراقية تجاه الخطط، للاطلاع على نقاط الضعف والقوة في توزيع القوات العسكرية العراقية ودرجة جاهزيتها، وخصوصاً أن الوحدات الاستخباراتية تعمل منذ زمن طويل داخل العراق، وما تصريح رموز المعارضة العراقية العسكرية في الخارج من توقع انهيار سريع للقوات العراقية وعدم دفاعها عن النظام العراقي إلا من باب الحرب النفسية التي ستشهد في الأيام المقبلة المزيد من التصعيد، بل وحتى اختلاف وتيرة التصريحات الأمريكية صعوداً وانخفاضاً تدل على محاولات مستمرة ومبرمجة لإرباك القيادة العراقية، التي لم تستفد شيئاً على الاطلاق من دروس الحرب الأولى، وها هي تعود للتصريحات العنترية التي لن تفيدها شيئاً.

*تبادل الأدوار

نعود فنقول إن القيادة العراقية مخطئة مرة أخرى في لعب دور البطل الذي ينتظر المنازلة الكبرى، ولو تمعنت قليلاً في مواقف باكستان والسودان من قبلها في التعامل مع الغول الأمريكي لكانت أكثر تعقلاً وروية، ولجنبت شعبها حرباً مدمرة لم يعد الشعب العراقي المغلوب على أمره قادراً على دفع ثمن جديد لها، كما أن القيادة العراقية مخطئة عندما تعتمد على الموقف العربي الرافض لضرب العراق، فهذا الموقف في موازين الحسابات الدولية لن يمنع أي ضربة قادمة، بل إن جميع الأنظمة العربية حريصة أن تكون بعيدة كل البعد عن السيف الأمريكي الجاهز دائماً لكل نظام سياسي معارض لسياسته ونقصد به “الاتهام بمساندة الإرهاب” وإن موقف هذه الأنظمة العربية يعود أساساً لشعورها إن هذه المواقف الرافضة لن تغير شيئاً في القرار الأمريكي، ولكن هذه المواقف ستخدمها حتماً في تخفيف الضغوط الشعبية عليها التي يحركها العقل الجماعي غير المدرك لمخاطر الوقوف في وجه العاصفة، وغير القادر على التأقلم مع الواقع الجديد بعد أحداث 11سبتمبر، والمندفع عاطفياً بما يحدث على أرض فلسطين.  

كما أن القيادة العراقية مخطئة مرة ثالثة عندما تعتمد مبدأ شراء المواقف عبر عقد صفقات بمئات

في عام 91 لم يعلم بعض رؤساء الدول عن بداية الحرب إلا قبل بدايتها بساعتين فكيف يسربون الخطط العسكرية وهدفهم هذه المرة دخول عش الدبور.

الملايين مع بعض الدول كما فعلت مع روسيا، وكأن عقلية القيادة العراقية لا زالت تعيش في أحلام العالم الذي يحكمه قطبان سياسيان، علماً بأن القيادة الروسية لم تستطع أن تخرج خارج منظومة التحالف الدولي في عام 1991م، فكيف ستفعل ذلك بعد أن أحاطت القواعد العسكرية الأمريكية بروسيا وأصبحت موجودة في أفغانستان وكوسوفا وجورجيا وأوكرانيا والحزام الممتد على جنوب روسيا.

*الأهداف الأمريكية

إن استقراء الواقع الأمريكي يجعلنا نعتقد أن العراق بالنسبة لأمريكا يبدو الآن كلؤلؤة جميلة على بحر الخليج العربي، كما كانت تبدو الكويت لصدام حسين عام1990 عندما حاول افتراسها، والتخلص من ضغط الاقتصاد العراقي الذي تمت عسكرته بسبب حرب الخليج الأولى مع إيران، حيث وجد العراق في غزو الكويت خلاصاً من هذا الوضع الاقتصادي الصعب، وخلطاً للأوراق عندما بدأت الولايات المتحدة الحديث عن انتهاء عهد الديكتاتورات في النظام العالمي الجديد وأشارت في وقتها للعراق بشكل واضح وصريح.

ولذلك لا يمكن تجاهل الانهيارات الاقتصادية التي أتت على كبرى الشركات الأمريكية، وضرورة دعم الاقتصاد الأمريكي من خلال تنشيط الصناعات العسكرية لتلبية احتياجات الحرب المقبلة التي تم تقديرها أولياً بأكثر من 100مليار دولار، كما أن نقل العراق من دولة تعيش في القرون الوسطى وتحويلها إلى “يابان” الشرق الأوسط يجعل لسان الإدارة الأمريكية يسيل لكنز “علاء الدين البغدادي”.

نقول هذا الكلام، ولا يمكن أن نغفل ما يشكله العراق من منطقة جغرافية قريبة من فلسطين يمكن

سيحصل التغيير في العراق، إن كانت الفوائد التي ستجنيها أمريكا رحيل صدام أكثر من بقائه، وهناك مؤشرات تتجمع في هذا الاتجاه.

إجراء ترانسفير لجزء كبير من الشعب الفلسطيني لها، لإجراء توازن طائفي في العراق، ودعم نوايا أمريكا المستقبلية تجاه إيران، وإغلاق ملف القضية الفلسطينية بعد تفريغ الخطر السكاني من محتواه من خلال رمي الشعب الفلسطيني في شمال العراق بعد تهجيره من المناطق الفلسطينية المزدحمة والتي عادة ما تكون بؤراً جيدة لانطلاق العلميات الاستشهادية تجاه الكيان الصهيوني.

*شمعة في الظلام

تشغل الأزمة الحالية بين العراق والأمم المتحدة الرأي العام في بلادنا، وتستحوذ على اهتمامه الذي زاد في الأيام الأخيرة حتى غطى على كثير من الأمور الأخرى التي لم ترق درجة أهميتها لمستوى هذه الأزمة، خاصة وأن الناس عندنا قريبون من مواقع الأحداث، يدركون أنها تؤثر فيهم مادياً كما تؤثر الآن فيهم شعورياً ومعنوياً، مما جعل البعض يصاب بالهلع والفزع، فيبادر لأخذ وضع الاستعداد وتخزين بعض المتاع والعتاد داخل البيوت تحسباً لأي طاريء يطرأ أو خطأ يقع.

ولسنا ننفي احتمال وقوع خطر ما هنا أو هناك، فالأخطار واردة في غير زمن الاستنفار، ولكن الأمر لا يستدعي كل هذا الفزع وكل هذا الجزع، فما زلنا والحمد لله في أمان، وما زلنا في حال من الاطمئنان لا تتفق مع الفزع أو الجزع، وما سوف يقع من أحداث لا يخرج عن الإطار العام الذي يمتحن به المؤمنون الصادقون الذين يقع عليهم الابتلاء والاختبار “ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الله الكافرين” “أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين” “أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين” “لتبلون في أموالكم وأنفسكم” “ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين“.

إن الابتلاء سنة من سنن الله في خلقه، جرت على الأنبياء والمرسلين وعلى أصحابهم وتابعيهم،

العراق يبدو الآن لأمريكا، مثل كنز علاء الدين، مثلما كان صدام يرى الكويت عام1990 عندما اجتاحها.

وهي تجري على المسلمين في كل عصر وفي كل مكان، “ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة” وحين يقابل البلاء بالثبات والصبر والاحتساب والاعتماد على الله والركون إليه وطلب العون منه، والثقة في أنه وحده هو الذي يرفع البلاء، ويدفع البأساء والضراء، وينزل النصر من عنده على الصادقين المخلصين فإن هذه الأمور تكون سبباً في تعلق السكينة بالقلوب، فلا تجزع ولا تفزع، لأنها تعلم وتوقن بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك وأن النصر من الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا“.  

*تماسك وثبات

وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم الأسوة والقدرة يأتيهم الضر فلا يفزعون ويحيط بهم الأعداء فلا يخزعون ولا يخافون ولا يرتابون أو يشكون في أن نصر الله آت لهم، وأن الله مدافع عنهم “إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور”.

*الحيطة والحذر والضراعة

إن للصبر والثبات والتحمل وذكر الله جزاء لا يتخلف هو التمكين والنصر والفلاح: “يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين” ونحن أمام هذه الأحداث لا ينبغي لنا، أن نخرج عن هذا الإطار الذي به تنزل السكينة، ويخف البلاء، ويمثل الجزاء، ونخرج منه ظافرين إن شاء الله دون أن يلحق بلدنا أو أهلنا ضرر، وكل ما علينا أن نحسن الرجوع إلى الله بالضراعة والتوبة والإنابة “ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا” ولنتذكر حال الضراعة التي كنا عليها في سنة 1990 فأثمرت نصرا وفتحاً، فعادت البلد لأصحابها وعاد الناس إلى بلدهم مقرين بفضل الله ونعمته، مدركين قوله سبحانه “وما بكم من نعمة فمن الله” فليس المطلوب الآن تخزين الطعام ولا الفزع على الحطام، وإنما المطلوب التوبة والأوبة والرجوع إلى الله والضراعة له وطلب التمكين منه، وشكره على نعمه، والصبر على البلاء والثبات أمامه حتى يزول وينقشع، وسيكون زواله عما قريب إن شاء الله.

هذا واجبنا في هذه المرحلة إلى جانب أخذ الحيطة والحذر، ولكن الحذر شيء والخوف والجزع شيء آخر، فنأخذ حذرنا، ولنحسن استعدادنا ولنلق ثوب الخوف والجزع عن أبداننا، ولنفوض إلى الله أمرنا، ونحن به واثقون “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون“.

*نظرة واقعية

هذا ما ينبغي أن يكون عليه موقفنا من الأحداث أما الأحداث ذاتها فإننا يستوقفنا منها حديث أولبرايت في السابق وقولها:”إننا عازمون على حماية جميع شعوب المنطقة من التهديد الذي يفرضه نظام صدام حسين المسلح بأسلحة الدمار الشامل” لقد وردت هذه الجملة على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية في ختام زيارتها للقاهرة التي اختتمت بها جولتها الأخيرة في دول المنطقة.

ولو صح هذا القول لرحبت شعوب المنطقة بهذه الضربة المتوقعة للعراق فشعوب المنطقة التي عانت سنة 1990م مما فعله صدام حسين لا تنسى أنه شرد الكثيرين، وأرهق دولاً عديدة وشهدت أرض الكويت من عبث جنوده وضباطه ما لا يخفى على أحد، وما زالت بقايا أفعال هؤلاء الجنود ممثلة في عدد من الأسرى الكويتيين، اختطفوا من الشوارع وابتلعهم اليم العراقي، ثم أنكر وجودهم وأصر على الإنكار، ولم يقتصر الامتهان العراقي على ذلك، بل امتدت يده الباطشة بالسوء لكل من كان في الكويت من الرعايا الغربيين أو الشرقيين، العرب وغير العرب، المسلمين وغير المسلمين، فما سلمت من شروره رعايا دولة، وشهدت الصحراء آلاف حالات القهر والظلم والجبروت.

إذن فشعوب المنطقة تود لو أنها استراحت من هذا النظام الذي ظغى وبغى، وعاث في الأرض فساداً، وجحد كل نعمة وأنكر كل منه، وفي مقدمة شعوب المنطقة -التي تود أن تستريح من صدام ونظامه- الشعب العراقي، الذي حاق به الظلم وأحاط به القهر، واشتد به القتل في (حلبجة) وغيرها دون أن يجد من بين الناس نصيراً ولا معيناً، شعب العراق الذي اشتد به الجوع والحرمان، وهو الغني بما أفاض الله عليه من نعم في ظاهر الأرض وباطنها، ولكنها نعم مسلوبة، سلبها النظام الصدامي وسخرها لخدمة أغراض لا نفع فيها لشعب العراق ولا لشعوب المنطقة.

تريد أمريكا أن تريح شعوب المنطقة من التهديد الذي يفرضه نظام صدام حسين، فليكن الأمر كذلك

الاقتصاد الأمريكي الداخلي، وموقع العراق الجغرافي، وتعقيدات القضية الفلسطينية، وسياسات ما بعد 11سبتمبر كلها تدفع للتغيير.

على أن يكون في مقدمة الشعوب التي تستريح من هذا النظام الشعب العراقي ولن يستريح الشعب العراقي ولا شعوب المنطقة إلا بزوال صدام حسين ونظامه. 

*النظم الطاغوتية والضربات العسكرية:

فهل الضربة القادمة التي تمهد لها أمريكا الآن هدفها إزالة صدام ونظامه؟ وقبل أن نجيب بالنفي أو الإثبات نقول: إن الضربات العسكرية التي تأتي من الخارج لا تحدث تغييراً في النظام ما لم يكن الشعب في الداخل مهيئاً وقادراً على استغلال الضربة الخارجية لإزالة النظام الجاثم على البلد يستطيع بمساعدة الضربة الخارجية لانقضاض على أركان الحكم، والاستيلاء عليها وإزالة القابعين فوقها، والمعادين للشعوب.

وإذا لم يوجد شعب قادر ومعبأ، أو جيش متربص منتظر فإن الضربة العسكرية الخارجية تصبح عبئاً إضافياً على الشعب المقهور تزيد من قهره والتحكم فيه بحجة إزالة الاعتداء والرد عليه والاستعداد له “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة” ويظل النظام يفعل ما يشاء وقد حدث هذا من قبل مع نظام صدام نفسه سنة 1991م فلم يتغير هذا النظام رغم آلاف الأطنان من المتفجرات التي ألقيت فوق الأرض العراقية.         

وما زال الشعب العراقي مستكيناً مغلوباً على أمره، وما زال الجيش العراقي في قبضة صدام، فهل ما زالت أمريكا مصرة على القول: إنها تريد حماية شعوب المنطقة من التهديد الذي يفرضه نظام صدام؟

*ما الهدف من الضربة القادمة:

إنه ليس هدفاً واحداً وإنما أهداف متعددة منها:

أولا: ضعضعة قوة الدولة العراقية وقدرتها وشل حركتها مع تغيير النظام السياسي بدون حدوث استقرار مباشر ليظل الأمن والاستتباب معدوماً في المنطقة، ويظل الخطر موجوداً، يمكن تحريكه في أي وقت ترفض فيه أي دولة في المنطقة هذا الوضع الموجود الآن.

ثانياً: تصبح هذه الضربة العسكرية في حال حدوثها إنذار عملياً لإيران تدفعها لتلاحق خطوات التقارب التي بدأت مع أمريكا ولا تتباطأ فيها أو تتوقف أو تتشدد.

ثالثاً: طمأنة إسرائيل على أن الجبهة الشرقية نائمة أو فاقدة الوعي لمدى غير محدود من السنين مما يعني المزيد من الغطرسة في وجه دعاة السلام العرب، والانصراف عن مطالبهم والتركيز على الخليج العربي بمد الهيمنة الاقتصادية.

*شيء من الدقة:

في هذه الأجواء نحتاج إلى ميزان دقيق للتعبير عن الآراء من خلال البيانات أو الخطابات، وأن نبتعد عن التعميم الذي لا يحمل حقاً ويثير باطلاً.

فالناس تجاه هذه الضربة فريقان: فريق يرى أنها ستجعل المنطقة ألعوبة في يد أمريكا فلا ينبغي أن تتم وفريق يرى أن العراق مصدر الشر كله فينبغي ضربه دون أن يفرق هذا القسم بين النظام الطاغوتي الصدامي وبين مقدرات الشعب العراقي.

وكلا الفريقين يميل نحو الإفراط والمبالغة في موقفه وينبغي أن نفرق بين العراق كأرض وشعب

تخطيء القيادة العراقية عندما تعتمد على خطاب العنتريات والمنازلة الكبرى وتخطيء مرة أخرى بالرهان على الموقف العربي، وتخطيء مرة ثالثة بالرهان على الاتفاقات الاقتصادية.

ونمنع عنه الضربة ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، وبين النظام العراقي الذي نبارك ضربه ونؤيد إزالته، لأن الشر سوف يبقى قائماً ببقاء هذا النظام، ولن يزول الشر إلا بزواله.

نحن نتصور أن الضبط والدقة في العبارة مطلوبة في مثل هذه الأوقات، والتأكيد أن العداء يكون على النظام وأعوانه ورأسهم، أما الشعوب فهي مغلوبة على أمرها كما أنه لا يمكن للشعب الكويتي أن يعيش مع جار عربي مسلم بصورة عداء ومقاتلة لهذا لا بد أن يكون شعارنا “نحن مع ضرب النظام العراقي وإزالة كابوس صدام، وضد ضرب الشعب العراقي والإبقاء على صدام فإما أن تكون الضربة منهية للنظام ورأسه وإلا فليست هناك إلا مضرة للشعوب الإسلامية وتجسيد لنظام الطاغية”.