بقلم: الشيخ الدكتور جاسم بن محمد بن مهلهل الياسين

*ذكرى وتذكار:

حبذا ضبط الاصطلاحات… وتقييد العموميات لئلا تفسد الدلالات فذكرى هنا ليس هي ذكرى هناك، وتذكار هنا ليس بتذكار هناك…

إذ ذكرى أحداث سبتمبر تبعث بالأسى على تطاول العنق الغربي على كل ما هو إسلامي بينما ذكرى ما هناك هي ذكرى النفع من قوله تعالى:”فذكر إن نفعت الذكرى”… وهي ليست بنافعة لأي أحد، إنما هي لمن يبصر ويتدبر ويدكر كما قال تعالى:”سيذكر من يخشى” وصدق الله إذ يقول”فذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين”.

أما التذكار… وهو التفعال من الذكر…فهو مشوب بالأسى كسابقه من الذكرى… إذ فيه تفعيل وإعمال للعقل والفكر… ومن يعمل عقله وفكره فيما جرى من أحداث سبتمبر فإنه يقف على ما يرفع ضغط دمه… ويمرر حلقومه وفمه… ويجد مراً به الماء الزلالا…

في ذكرى أحداث سبتمبر الهيمنة تحكم العقول… والاستخبارات تحكم الشعوب…!

وقد أحببت في مقالي هذا أن أجول بخاطري سريعاً في ظلال ذكرى أحداث سبتمبر، فوجدتني أخط ما يلي:

*أحداث وقودها المسلمون وديارهم:

هذه الأحداث الدامية لا زالت هي وقود العداوة، وإن شئت الدقة فقل هي ذلك “الكبريت” الذي يشعل به اليهود والصهاينة النار على المسلمين… ولا يزالون يحركون به المشاعر…ويثيرون به العداوات لدى الأمريكان وشعوب الغرب وأقاصي الشرق عليهم… ويكفي ما صرح به كبيرهم شارون بقوله:”حربنا ضد الفلسطينيين جزء من الحرب الشاملة على الإرهاب” … وما ألذ وأعسل هذا الكلام على الإدارة الأمريكية… وأساطينها الصهيونية، حيث جاءت ردود الأفعال سريعة بأنه من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها”، ثم التصريح الفج المثير الذي اثار كثيراً من اليهود فضلاً عن الغربيين بلة المسلمين “شارون رجل سلام…!!!!!”

فاعجب يا عجب …!!.

*ونجحت حملة الصهاينة في التحريض على المسلمين:

      نعم نجحت حملة الصهاينة في التحريض على المسلمين وبلغت ذورتها تلك الحملة الشعواء التي يقودها أعضاء الكونجرس ومجلس الشيوخ من الصهاينة ضد السعودية ومصر… في المقام الأول… ويد إسرائيل طولى ظاهرة جاهرة في تأليب الرأي العام الأمريكي على السعودية خاصة… مئزر الإسلام ومنبته…!!!

فاعجبوا أيها العاجبون…!!!

*واستفحل الاستعلاء … للقطب الأوحد:

نعم “بلغ السيل الزبى وتجاوز الحزام الطبيين” وحل القهر…وأي قهر؟!

فها هي أمريكا تضرب بعصى من حديد، وتزأر زئير الأسد في عرينه… وتدمدم على العراق…ومَنْ وراء العراق…وها هو وزير خارجيتها يخرج عن صمته، ويفصح عن نوايا أمريكا إزاء العراق… ومن مرق مروقه –حسب قوله- ولو بعمل فردي خارج مظلة الأمم المتحدة…!! وماذا لنا وماذا عندنا إزاء ذلك…؟!

*ولنا هنا وقفات مفادها:

قد أفلح اليهود في جعل أحداث سبتمبر وقود نار الحقد والكراهية على كل العرب والمسلمين…!

أولها: أن صدام هو صنيعة الغرب للغرب… وحيث إن الأدوار تبدلت… والرؤى تغيرت فقد حان وقت إزالته من منظور القطبية الواحدة أمريكا…! فها هي تهيمن وتحدد الأدوار… وتغير رجالاتها وعيونها وتبدلها حسبما استقر في استراتيجيتها الجديدة “استراتيجية الضربة الوقائية”… التي اتخذتها بديلاً عن استراتيجية الردع… والدفاع…!.

ثانيهما: أن أطماع القطب الواحد لا يرتبط بأحداث سبتمبر، وإنما هي قديمة غير أنهم أحسنوا توظيف أحداث سبتمبر بالآتي:

1-اتخذوها ذريعة للتستر على أي تحرك عسكري عدواني أو دفاعي… في استراتيجيتها الجديدة.

2-اسكتوا الأصوات المخالفة جميعاً، حتى من الحلفاء الغربيين بدعوى أن هذا “يشجع الإرهاب الدولي”.

ثالثهما: أن السياسة الأمريكية ماضية في طريقها لا يحدها حد إذ إن سياسة الهيمنة كائنة ومستقرة في الفكر السياسي الأمريكي وفي بنية تفكير صانعي القرار السياسي… وهذا ما أفصح عنه المؤرخ الأمريكي “هنري ستيل كوامنيار” حيث يقول بصراحة “أسطورة إحساس أمريكا بالتفوق ولدت لديها الوهم بأنها متفوقة على الآخرين…!! وفي ذلك ما فيه من الاستعلاء الأعمى والنزعة العنصرية، واجترار جديد للنازية…!.

*حان وقت ترتيب البيت الدولي في “الشرق الأوسط” وفق الاستراتيجية الجديدة:

وهذا التوقيت مناسب في ظلال وتداعيات أحداث سبتمبر… وقد سبق أن ابتدأ ترتيب البيت الدولي في آسيا الوسطى… وفي شبه القارة الهندية… فهذه الترتيبات إنما هي “سيكس بيكون  S.P”   من نوع جديد، فإن كانت الأولي إعادة ترتيب للحدود والمندوبين فما هو الآن لا يعدو إلا أن يكون تحديثاً لها وفق منظور أمريكي.                                                                 

ديمقراطية وشفافية الغرب تتلاشى وتتهاوى أمام قوة الاستخبارات ونفاذ اللوبي الصهيوني…!

*ومبتدي هذه الترتيبات إنما هو العراق… سواء عارضت دول الخليج أو لم تعارض… سواء صرخت جامعة الدول العربية أو لم تصرخ… فإن الرؤية الاستعلائية الأمريكية ماضية في دربها تحت غطاء أحداث سبتمبر.

وكما جاءت الأمور على غير هوى الشريف حسين فكذلك ستـأتي الأمور –وأرجو ألا تأتي- على غير هوى العرب والمسلمين…‍‍‍‍!!!

وقد نال الشريف حسين كعكة وحشافة ونثارة من جانب نصيب الأسد الغربي، وليتنا نظفر بقضمة في كل تلك الملهاة… وإن شئت فقل المأساة…!!

وهكذا ينسدل الستار… والعرب والمسلمون من وراء ذلك خاسرون مذهولون عاجبون فاعجب يا عجب…!!!!

وأعجبوا أيها العاجبون…!!!

 

*قوة الاستخبارات تحكم عالم اليوم:                      

نعم هذا هو حصاد الحصاد… وحصيلة أحداث سبتمبر على المستوى الأوروبي والغربي عموماً والأمريكي خصوصاً وعلى مستوى عالمنا الإسلامي بما فيه عالمنا العربي.

إذ أصبح للاستخبارات قوة  ضاربة فوق كل قوة حتى إن الاستخبارات صارت هي حاكمة الديمقراطية الغربية الصورية… وهي حاكمة إرادة الشعوب هنا وهناك… ولأهمية هذه النقطة فائذنوا لي ببعض تفصيل لها… لنحاول كشف مستورها…

*استعلاء الغرب (التقني الديمقراطي) على الشرق الفوضوي:

تعد حكومات الدول الغربية حكومات ديمقراطية “عند نفسها ولنفسها” ترفع شعارات براقة مثل: الديمقراطية، حرية الفرد، التجارة العالمية، حقوق الإنسان، عدم تدخل الدولة في الحياة العامة للشعوب.. وشعارات وشعارات…

أمريكا أعدت عدتها لتغيير خارطة الشرق الإسلامي بعدما ابتدأتها بآسيا الوسطى وشبه القارة الهندية … فمن يردها عن أطماعها…؟!!

ومع مرور الأيام لم نجد لهذه الشعارات الرنانة مصداقية على أرض الواقع في فلسفة تعامل تلك الدول مع دول العالم الثالث، وإنما هي فقاعات قد تصدق على مجتمعاتها فحسب، بل إنها تنتقد أشد الانتقاد لدى فلاسفة هذه المجتمعات وهذا الفليسوف “جان جاك روسو” يقول في بحثه عن الديمقراطية الغربية “يظن الشعب الإنجليزي نفسه حراً، ولكنه مخطيء في ذلك خطأً فادحاً… إنه حر فقط عند انتخاب أعضاء البرلمان، وبعد ذلك تهيمن عليه العبودية من جديد”[1].  

*إذن ما هي حقيقة هذه الشعارات البراقة الخلابة؟

حقيقتها كما أثبتت الأيام أنها لم تكن إلا وسيلة لدعم نظام أحادي القطب، على شاكلة الإمبريالية والنازية والفاشية والشيوعية وغيرها من الأيدولوجيات البائدة، وليته يدعم هذه الدول في شعاراتها الزنانة جانب تطبيقي عملي يبرهن على صحة تلك الفرضيات التي ترفعها الشعارات؟!

وإنما جاء دعمها من خلال ترسانة عسكرية هائلة كفيلة أن تبيد شعوب الأرض جميعاً، ولا زالت تبذل المليارات في سبيل تطوير أجيال من الأسلحة النووية أشدة إبادة وأكثر فتكاً…!

*التوظيف الفاسد للديمقراطية الغربية:

-يمكن ملاحظة فساد توظيف الديمقراطيات الغربية من ملاحظة سلوك تلك الدول الغربية مع الدول النامية إذ إنها:

1-تسعى إلى الوصاية عليها.

2-تسعى لفرض ديمقراطيات شكلية على تلك الدول.

3-تعمل على معاداة كل من يخرج على هذا النظام الديمقراطي الشكلي بكل الأساليب الملتوية غير الإنسانية.

-وبيان ذلك أن الدول الغربية تعمل جاهدة على فرض النظام الديمقراطي الشكلي على جميع دول العالم بحجة أنها تحقق الرفا للشعوب، وأنها نهاية تطور الجنس البشري.

وبما أن الشعوب الغربية هي الشعوب الواعية ممن حقها أن تسعى لوصاية على تلك الشعوب الأخرى غير الواعية استكمالاً لرسالة الرجل الأبيض في السيادة والقيادة… وها هي ذا من نصف قرن وأكثر وهي تربط بين المساعدات الاقتصادية والعلاقات الدبلوماسية وبالأخذ بالنظام الديمقراطي ولو الشكلي دون اكتراث بنظام الحكم كان ملكياً أو وراثياً أو ديكتاتورياً عسكرياً أو حكم عصابة من تجار المخدرات، ودون الاهتمام بتقاليد وقيم الشعوب غير الغربية لأنها شعوب جاهلة، وغير واعية وغير قادرة على تحمل المسئولية كما وصفها جيمس ميل[2].

*سندات الحكومات الغربية

كما سبق القول أن الديمقراطيات الغربية قد انحرفت عن مسيرتها الصحيحة فصارت تحجب الحكم عن الجماهير لصالح الأحزاب التي تهيمن على آلية الحكم، ومع مرور الوقت فقدت المجالس البرلمانية نفوذها لصالح الحكومات التي قلما تثمل إرادة الشعب أو حتى أغلبية الجماهير.

وهذا يناقض شعار الديمقراطية نفسه إذ يدعو إلى “محدودية دور السلطة في حياة الشعب” غير أن الواقع يكاد يشهد بغير ذلك[3].

وهنا نسلط الضوء على أهم إسناد تقوم به الحكومات الغربية في وجه شعوبها وفي وجه شعوب العالم الثالث على الوجه الأخص ألا وهي إسناد “الاستخبارات” والتي تحكم به العالم، إضافة إلى الإسناد الثاني وهو السلاح النووي والكيماوي على الرغم أن الأصل الذي ينبغي أن تقوم عليه آلية الحكم في هذه الدول هو:

1-الإنسانية

2-العدالة

3-المساواة

وتلك هي بعض معاني التحضر والمدنية والتي يعبر عنها الفكر الديمقراطي في بعض أوجهه أو كثير منها بحسب ما يراها المفكرون الغربيون من دعاة الديمقراطية.

هل سواء… رفضنا ضرب العراق أو لم نرفض أي عمقنا الاستراتيجي… أين أوراق الضغط عندنا…؟!!!

*الاستخبارات الغربية من تكنولوجيا التصنت سلكت سبيلاً لفرض هيمنتها على شعوبها وعلى شعوب العالم الثالث خاصة إضافة إلى المنافسة التجارية الحادة بينهما والحروب الاقتصادية الخفية والعلنية…

-أجهزة الرقابة الغربية

تطورت أجهزة الرقابة في الدول الغربية تطوراً كبيراً وأصبحت ألة فعالة لتتدخل في أدق حياة الأفراد، وجعلت من التجارة الدولية أسيرة مطامع مع السياسيين وتحولت الدولة عندهم إلى جهاز مركزي تتمحور حوله القوة والسلطة والهيمنة على حياة الشعوب[4].

-تعريف استخبارات التصنت

تعرف استخبارات التصنت بأنها “المعلومات التي يتم الحصول عليها من قبل جهة أخرى غير التي كان الاتصال موجهاً لها” وطبيعة هذه المعلومات المستهدفة هي: الاتصالات الدبلوماسية والمعلومات العسكرية، ومع نمو التجارة العالمية أصبح جمع المعلومات الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية ضمن أهداف الاستخبارات العالمية كما أن الدول الغربية بدأت حديثاً بعد تنامي الصحوة الإسلامية في دول العالم الإسلامي توجه أضخم آلاتها وإمكانياتها لكي:

1-تحبط عمليات الاتفاق والتصالح بين الحركات الإسلامية وباقي القوى السياسية في دولها.

2-إهاجة السلطات في تلك الدول ضد تحركات الإسلامييين وإمدادها بخارطة واقعية وفرضية عن الحركات الإسلامية.

3-حفظ أمن إسرائيل بالدرجة الأولى ضد تنامي التيارات الإسلامية وسعيها لطرد إسرائيل من المنطقة.

*كبريات دول الاستخبارات

لا تكاد تخلو دولة عربية من الاستخبارات ومراكز التصنت بل انتقلت هذه التكنولوجيا بأسرع ما تكون إلى حكومات الدول النامية التي تسعى في ركاب الدول الغربية…

-غير أن أهم الدول التي تتفوق بقدر كبير في تلك التكولوجيا هي بالطبع “الولايات المتحدة الأمريكية” ويليها بريطانيا حليفتها الدائمة وقد كان أول تحالف بينهما في سنة 1947م إذ وقعت كلتا البلدين على معاهدة تهدف إلى تنسيق نشاط استخبارات التصنيت على مستوى دول العالم ثم انضم إلى هذه المعاهدة ثلاث دول أخرى هي:

1-كندا

2-استراليا

3-نيوزيلندا

وظلت هذه المعاهدة في الخفاء لم يعلن عنها رسمياً إلا في مارس سنة1999م.

*أجهزة الاسخبارات الإسرائيلية

وتعد الأن إسرائيل من أكبر الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة في مجال استخبارات التصنت وهي تملك أحدث الأجهزة والمعدات التكنولوجية في هذا المجال برعاية ومساعدة أمريكا… وهذا هو جهاز الموساد لديها يكاد يناطح وكالة الاستخبارات الأمريكية نفسها بل استطاع أن يتجسس عليها نفسها كما حدث في أواخر القرن الماضي وسربت وسائل الإعلام بعضاً من أخبار هؤلاء الجواسيس اليهود في الولايات المتحدة.

-ويعتمد جهاز الموساد المزود بأحدث تكنولوجيا التصنت على كوادر مدربة تدريباً عالمياً فائقاً من اليهود وهذا أمر طبيعي إضافة إلى من يجندهم من قادة الدول الغربية الذين لا يخرجون عن إرادة اللوبي اليهودي فيها… وهذا ليس بغريب فاليهود والنصارى بعضهم أولياء بعض، ولكن الأشد من ذلك بلاءً وعجباً هو ذلك الخط الثالث من العملاء العرب المتهودين فتلك هي الطامة والبلية الكبرى… حيث تجند إسرائيل هؤلاء أشباه المسلمين وأشباه العرب بحفنة دولارات ليبيعوا دينهم وأوطانهم وقدسهم…!! وانظر إلى سلسلة الاغتيالات التي ينفذها الإسرائيليون ضد قادة الحركات المجاهدة في فلسطين وكيف يتعرفون على أدق المواقع لأولئك القادة… فيضربونهم بالطيران ناظرين بعين هؤلاء الجواسيس.

*مرارات الحرمان في مؤتمر قمة الأرض ومؤتمر دربان:

أين العرب والمسلمون من تكنولوجيا الاستخبارات… أين أقمارها الاصطناعية… أين منظومتها التكنولوجية… أم كتب علينا التابعية فحسب…؟!!!

انقضى عام على مؤتمر دربان الأول ولا يزال الستار ينسدل على مؤتمر قمة الأرض وقد انسدلا على المؤتمر على تصفيق اليهود برعاية الأمريكان رغم انسحابهم عن طريق عملائهم الأوروبيين دون أن تمس إسرائيل بأذى أو سوء وهكذا ضاعت حقوق العرب، وانفضوا خاسرين، وراحو صفر اليدين من  مؤتمر كلامي ينبت كلاماً ويثمر كلمات… وأقصى ثماره شجب، وتنديد، وإدانة… ولنا ملاحظات على هذه المهزلة العربية الإسلامية في المؤتمر الأول والثاني:

أولاً: الحصار المر

نعم إن هذا المؤتمر لا يعد أول محركات محطات الحصاد المر التي مني بها المسلمون في تلك القرون المتأخرة، فهناك مؤتمر “بال” الذي خطط لإقامة وطن لليهود وجنوا منه ما أرادوا وخرج المسلمون صفراً، وهناك مؤتمر لندن سنة 1940م أيام محمد علي باشا حاكم مصر الذي قوض فيه قوة الجيوش الإسلامية الغازية مع دولة الخلافة وتم لأوربا ما أرادوا من تفكيك الجيش المصري، وقطع معونته عن دولة الخلافة وبالتالي حرمان الدولة العثمانية من استرداد باقي ممتلكاتها في أوربا، وغدت بحق “رجلاً مريضاً”، وهناك مؤتمرات  التنصير العالمية التي أفلحت في تنصير الشعب الفلبيني وكثيراً من الشعب الأندونيسي بمعونة النصارى الكاثوليك والجاليات التبشيرية البروتستنتينية وهناك المؤتمرات الجوفاء مثل “كامب ديفيد، شرم الشيخ، وواي ريفر،…وغيرها الكثير” هي مؤتمرات تخديرية حصادها الوهم على المسلمين وضياع فلسطين وجناؤها الشهد لذويها هناك من بني صهيون وحلفائهم00

ولله القائل عن جراحنا ومصائبنا:

      ولو كان سهماً واحداً لاتقيته

         ولكنه سهم وثان وثالث 

 

ثانياً: الغراس المر:

وأعني بذلك تلك المقدمات وجملة الأسباب التي نمارس بها حياتنا السياسية والاقتصادية فهي لا شك هشة جوفاء كما قال القائل:

                كالقط يحكي انتفاخاً صولة الأسد

فنحن –المسلمين- لا نملك مقومات الحوار، ولا نفهم لغة الحوار الذي يلائم اليهود وعملائهم وأذنابهم وصنائعهم بل لا زلنا نتفاوض ونتخادل، ونتجادل على حدودنا، ونغرق في مشاكلنا المحلية… ولم نع ما قاله الأكابر أهل العزة من قوادنا الأقدمين كخالد وعمر وسعد، ولا شعرائنا الحكماء الموهوبين كالقائل:

لا يبلغ المجد إلا من إذا هتفت

به الحمية هز السيف وانتصبا

يستهل الصعب إن هاجت حميته

ولا يشاور إلا السيف إن غضبا

-وهكذا لا زلنا نتحبط ونهاب ونتلكأ ونخاف في عقر دارنا من الإدانة الصريحة لليهود وصنائعهم من الأمريكان، إذ عجزت جامعة الدول العربية من ذكرهم صراحة في ختام اجتماع وزراء الخارجية العرب المنعقدة يوم 9/9/2002م بعد يوم واحد من اختتام أعمال مؤتمر مكافحة العنصرية في دربان حيث جاء البيان الصادر عن الاجتماع بتوجيه لوم إلى الدول الكبرى التي تساعد إسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين دون ذكر وتحديد لأمريكا أو غيرها…

وفي قمتهم العربية الطارئة والعادية وفي اجتماع وزراء الخارجية والجميع حذر يتحسس الكلمات ويناغي العبارات وينتقي التعبيرات لئلا تغضب ربيبة الاستعلاء أمريكا…‍‍!!   

ولله الأمر من بل ومن بعد

*سنن ومقادير لا تحيد عن مساراتها

احذروا من سيكس بيكون جديدة تقلب السحر على الساحر وتخدع عقلاء الأمة كما خدع الشريف حسين من قبل…!!!

نعم والله أدرك العجائز قدماً تلك القيمة ووعوا هذا المعنى فاستبان لديهم الحال وانكشف عنهم كل محال… أن لله سنن ماضية لا يوقفها حاكم ولا يعطلها إمبراطور، ولا يدق لها ملك أو رئيس باب في أي حال…

وإذ كنا ولا زلنا في حيرة وتريب فليحر من يشاء وليطمئن من يشاء والله فعال سبحانه لما يشاء “وما تشاؤون إلا أن يشاء الله” وقال سبحانه “فعال لما يريد”، ويرحم الله الإمام الجويني وهو من هو في علمه وفضله وعلو كعبه، وحسبك كافيته في الجدل وحسبك منه غياث الأمم بل حسبك منه كتابه في أصول الفقه بل حسبك الورقات منه…0 بل حسبك تلميذه الغزالي الذي ملأ طباق الأرض علماً… إذ يقول في يقين العالم وتيقن المؤمن وتبصره بعين اليقين…”ها أنا ذا أموت على دين العجائز” وقصد بذلك يقينهن بالله، وإيمانهن وتسليمهن بربهن سبحانه.

وإني لأصدع بهذه المقالة في محافل المفكرين والمنظرين والمتريبيين والمتشككين في نصر الله لدينه وإعزازه لجنده وإظهاره للإسلام على كل الأنام ولو كره الكافرون… ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله…

والحمد لله رب العالمين على كل حال

 

[1]انظر العقد الاجتماعي: ص78، لندن سنة1913م

[2]انظر نقد الديمقراطية المعاصرة د.بشر زين العابدين، مجلة السنة ص57،58، عدد 106 سنة2001م

[3]انظر السابق نفسه ص56

[4] انظر تكنولوجيا استخبارات التصنت ص59 وما بعدها، مجلة السنة عدد106