بقلم الشيخ / د. جاسم مهلهل الياسين
تطويق العالم العربي:
بالأمس القريب تمّ التوقيع على اتفاق واي بلاتينشن، بين رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس الوزراء الإسرائيلي، ليكون حلقة في سلسلة التنازلات التي ما فتئ المسلمون والعرب يقدمونها من أراضيهم ومقدساتهم خدمة لليهود، غير ملقين بالا إلى ما تكبدته البلاد العربية من نفقات كبيرة في الأموال، ودماء غزيرة لشهداء سقطوا في ساحات القتال، التي تتابعت بين المسلمين والإسرائيليين، دون أن توقف المد الصهيوني من التجذر في أرض فلسطين والهيمنة على القدس، ومحاولة السيطرة على مجاري الأنهار القريبة، وإقامة التحالفات التي تطوق العالم العربي، وتضغط عليه إن لزم الأمر (تركيا – ارتيريا – أثيوبيا – أوغندا – الهند) لتشكل عليه عبئا خارجيا، إلى جانب أعبائه الداخلية، المتمثلة في الفقر والأمية وغياب الديمقراطية عن بعض البلدان، وإثارة بعض الصراعات العرقية، أو الطائفية أو إحداث بعض النزاعات الحدودية، لشغل العرب عن إسرائيل (العدو الحقيقي) وتوجيه أنظارهم إلى عداوات تحدث بينهم وحزازات تعمق فرقتهم، وتزيد بعثرتهم.
تدمير قواعد الحركات الإسلامية:
ولم تخل الاتفاقية الأخيرة -رغم هزالها وضعفها في الجانب العربي وسمنها وقوتها في الجانب الإسرائيلي- من إثارة الفرقة وزيادة البعثرة والتشتت، فقد جاء تحت بند الاتفاق الأمني أن الطرفين يضمنان الإجراءات الواجب اتباعها من أجل (مكافحة الإرهاب بشكل متواصل ومنتظم) ومكافحة الإرهاب بهذا الشكل أقلقت جماعة (هيومان رايتس ووتش) الأمريكية للدفاع عن حقوق الإنسان، حيث اعتبرت اتفاق واي بلانيشن مشجعا على انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني، لأن بنود هذا الاتفاق تطلب من السلطة الفلسطينية اتخاذ خطوات أحادية بالتنسيق مع إسرائيل لتدمير البنى التحتية للحركات الإسلامية، وتسليم إسرائيل فلسطينيين مشتبه في تنفيذهم أعمال عنف، كما يتضمن (الاتفاق) مشاركة الولايات المتحدة في وضع استراتيجيات لمكافحة الإرهاب ومراقبة تنفيذها (الشرق الأوسط 24/10/98).
وما تخوفت منه هذه الجماعة ليس أمرا متوقعا حدوثه، وإنما نصت عليها الاتفاقية، فقد استقر الأمر على أن تسلم
تحاول إسرائيل بإقامة التحالفات والتكتلات بينها وبين الدول المحيطة بالعالم العربي تشكيل عبء خارجي كبير، يصعب تحمله ويشغله عن التفرغ لها. |
السلطة إسرائيل 30 مطلوبا أمنيا، بعد أن تقبض عليهم السلطة لتتولى إسرائيل اعتقالهم ومحاكمتهم، مما يدفع إلى مزيد من الاحتكاك والشقاق بين شرطة السلطة وبين الفصائل الفلسطينية المختلفة، وقد يحدث ما لا تحمد عقباه بين الفلسطينيين أنفسهم بسبب ممارسات السلطة التي تدفعها إليها إسرائيل دفعا، لإبعاد أي توجه إسلامي ينادي بالجهاد، ويرد على العدو بالسلاح الذي يعرفه ويؤثر فيه، ويجعله يسلم بالحقوق التي اغتصبها أو على الأقل ببعضها، أما طريق المفاوضات التي جربت من قبل في “أوسلو” و “مدريد” وفي غيرهما فإنه طريق المماطلة والتسويف، الذي يبث اليأس في قلوب العرب، ويميت الإحساس بالقضية في وجدانهم وعقولهم.
فإذا أضيف إلى ذلك سلاح الابتزاز والترهيب والمكر والخداع والإغراء بالمناصب أو الأموال، وهو سلاح يجيد اليهود استخدامه أمكننا أن نعلم أننا نسير في غير الطريق الصحيح، الموصل إلى أن يخسر المسلمون ويكسب اليهود.
تدبير قديم:
وهو الطريق الذي بدأ سنة 1898م يوم وضع هرتزل أساس قيام الدولة اليهودية في فلسطين بعد نصف قرن من ذلك التاريخ، بل من قبل هرتزل نادى نابليون في حملته على مصر والشرق في أواخر القرن الثامن عشر، نادى باليهود أن يهبوا إلى بناء دولتهم في فلسطين، وأعلن أنه سيمكن لهم في هذه الأرض، وأن عليهم أن يلبوا نداءه، وأن يقصدوا إليه من كل فج بعيد ليجوسوا خلال الديار، ويقيموا لهم دولة تحميهم من الشتات، وتكون لهم وطنا (انظر المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل: محمد حسنين هيكل. الكتاب الأول).
غير أن نابليون هزم في الشرق، ورحل بليل من ديار المسلمين تاركا وراءه حملته بقيادة كليبر الذي تصدى له سليمان الحلبي فقتله، فخلفه الجنرال مينو الذي اضطر إلى الانسحاب من مصر والشرق سنة 1801م.
وأدى هذا الإخفاق العسكري إلى تأجيل قيام دولة لليهود قرابة قرن ونصف من الزمن لم يفرط فيها اليهود في فرصة أتيحت لهم، ولم يتقاعسوا عن أن يتحالفوا مع القوى العالمية الكبرى من أجل اغتصاب وطن لهم، مستغلين أبرز الأحداث العالمية لتوجيه الدفة نحو غايتهم وأملهم البعيد، غير غافلين عن الخطوات المقربة من هذا الهدف حتى وإن بدت محتاجة إلى وقت طويل، وجهد كبير.
تمزيق العالم الإسلامي:
ومن أهم الأحداث العالمية الحربان الكونيتان الأولى والثانية:
أما الحرب الأولى فقد رتبت أثناءها إعادة رسم خريطة بلاد الشام وشمال الجزيرة العربية، بعد أن حققت “الثورة العربية الكبرى” بقيادة الشريف حسين أهدافها القريبة في فصل العالم العربي عن تركيا وطرد الحاميات التركية من البلاد العربية والانضمام إلى البريطانيين ضد الأتراك والألمان، طمعا وأملا في أن يتولى الشريف حسين هذه المملكة العربية وأن ينعم بلقب “ملك العرب” (وقد بدأت هذه الأعمال برصاصة أطلقها الشريف حسين من منزله في مكة ضد الحامية العسكرية التابعة لدول الخلافة الإسلامية طلبا للرضا البريطاني، أتبعها برسالة إلى مكماهون، يطمئنه فيها على سير الأمور بناء على الخطة المتفق عليها ويعلن تأجيل أي طلب حتى يرى مكماهون نتيجة أعمال هذا الشريف التي تتلخص في محاربة جيش دولة الخلافة بغية الحصول على مساعدة بريطانيا في إنشاء خلافة عربية تمتد حدودها من أرسين وأضنة في تركيا الآن حتى الخليج العربي شمالا، ومن بلاد فارس حتى خليج البصرة شرقا، ومن المحيط الهندي للجزيرة جنوبا، يستثنى من ذلك عدن التي تبقى كما هي حتى سيناء غربا، وعلي أن توافق إنجلترا على إعلان خليفة عربي على المسلمين.
وكان جواب المندوب السامي الموافقة على استقلال البلاد العربية والموافقة على إعلان خليفة عربي، لكن مسألة
تطلب بنود الاتفاق من السلطة الفلسطينية اتخاذ خطوات أحادية بالتنسيق مع إسرائيل لضرب البنى التحتية للحركة الإسلامية. |
الحدود لا يسمح الوقت لتحديدها بسبب استمرار الحرب مع تركيا (انظر كتابنا: نظرات في الدولة الإسلامية).
وفي الوقت الذي تجري فيه الرسائل وتبرم المعاهدات بين حسين ومكماهون كانت بريطانيا وفرنسا وروسيا يتفقون على تقسيم العالم العربي والإسلامي بعد أن تضع الحرب أوزارها، على النحو الذي انتهت إليه الأمور بعد الحرب إلا أن الثورة الروسية كشفت هذه الاتفاقية السرية المسماة (سايكس – بيكو) ورفضت الاشتراك فيها دون أن تمنع تنفيذها، مما مزق بلاد الشام إلى دويلات وساعد على قيام إمارة شرق الأردن سنة 1921م لتكون عازلا بين المملكة العربية السعودية في الجنوب وفلسطين التي تهيأ لليهود في الشمال.
وبدلا من أن تساعد بريطانيا الشريف حسين، ساعدت إسرائيل مساعدة كبيرة وتبنت مشروع نابليون تحت اسم جديد هو (وعد بلفور)، الذي تعهدت فيه بريطانيا بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وكان رسم خرائط جديد ملبيا رغبتين في آن واحد: إرضاء بريطانيا وفرنسا كلتاهما باقتسام العالم العربي، وتمهيد الأرض العربية وتجهيزها لقيام وطن قومي لليهود.
وجاء وعد بلفور سنة 1917م ليهيء الأجواء العالمية لقبول هذا الدولة الجديدة “إسرائيل” التي ستظهر إلى الوجود بعد سنوات، (وتنتهي الحرب الأولى ويضطر فيصل بن الحسين إلى الموافقة على مشروع دولة يهودية عربية في فلسطين مع حاييم وايزمن، ويقضي المشروع بالعمل على تنفيذ وعد بلفور، وتشجيع الهجرة إلى فلسطين … واعتبار بريطانيا حكما بين العرب واليهود في كل نزاع (يقظة العرب ص592 وما بعدها نقلا عن كتابنا نظرات في الدولة الإسلامية).
والتاريخ لا يكرر نفسه وإن تشابه في كثير من مواقفه، فالدولة العظمى تقوم بالوساطة الآن بين الفلسطينيين والإسرائيليين بل إنها شريك في تنفيذ الاتفاقات المبرمة وخاصة الاتفاقات الأمنية منها.
خيانات عربية:
وكان قبول الشريف حسين وأبنائه من بعده لتنفيذ ما تمخضت عنه الحرب الأولى دافعا للاستمرار في هذا الطريق، حيث غرق الأمير عبدالله أمير إمارة شرق الأردن من سنة 1921م إلى سنة 1946م ثم ملك المملكة الأردنية الهاشمية حتى سنة 1951 غرق في تنفيذ مخططات اليهود والإنجليز أملا في أن يتمكن يوما من حكم بلاد الشام أو أن يعود يوما ما حاكما لبلاد الحجاز، وقد ملك هذا المطمع عليه حياته فلم يبال بخيانة العرب أو بخدمة اليهود والاتصال بهم في أحرج الأوقات وأشدها، فقد اتصل بهم مرات قبل إعلان قيام الدولة اليهودية، واتصل بهم بعد إعلانها، واتصل بهم أثناء حرب الجيوش العربية معهم، وكان هو قائد الجيوش العربية، وعقد معهم اتفاقات وصلات، وانسحب من اللد والرملة ليتسلمهما اليهود بعد مناوشة مسرحية تغطي هذه العملية، وكان يعلن في اجتماعاته الخاصة: (اليهود أمة راقية متكتلة والعرب أمة ضعيفة متأخرة، ولم تكن في نيتنا أن نحارب، ولقد دفعنا للحرب دفعا، لأنهم (العرب) رفضوا قبول نصائحي (انظر كارثة فلسطين لعبدالله التل)، وهذا الذي لم يكن في نيته أن يحارب يعين قائدا عاما للجيوش العربية التي ذهبت للقتال في أرض فلسطين سنة 1948م باتفاق من الدول العربية مجتمعة، فقاد العرب إلى هزيمة منكرة، وكان في نفس الوقت يتصل باليهود ليحدد معهم ما يريدون، وهذا ما تقوله الوثائق التي كشف عنها حتى الآن.
ومن هذه الوثائق: “إن حكومة إسرائيل تعطي بهذا تفويضا وصلاحية كاملين للسيد روبن شيلوح واللفتنانت كولونيل
الحروب النظامية بين إسرائيل والدول العربية كانت جزءا من المخطط المرسوم لتثبيت أقدام الصهاينة فوق الأرض العربية. |
موشى دايان للتفاوض وعقد اتفاق مع جلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية لأجل إنهاء أعمال العدوان وإنشاء علاقات السلام بين دولة إسرائيل وبين المملكة الأردنية الهاشمية على أن يكون مفهوما بأن كل اتفاق كهذا، فيما إذا عقد فهو يحث إلى تصديق حكومة إسرائيل المؤقتة.
أعطى في هاكريا، في إسرائيل في اليوم الخامس عشر من شهر كانون الثاني 1949م.
م. شرتوك بن جوريون
وزير الخارجية رئيس الحكومة
الحروب تقوي وتنمي الدولة الصهيونية:
وقد كانت هذه الحرب سنة 1948 وما بعدها عاملا أساسيا في تمكين دولة إسرائيل وتثبيتها تسعى إسرائيل نحوها، وتختلق أسبابها لو لم توجد، لأن الحرب عامل حاسم في تغيير الخرائط، وإقرار حدود جديدة، وإسباغ نوع من الشرعية عليها هي شرعية القوة، وهي بمثابة توثيق الأراضي والعقارات بالمدافع والطائرات، وفي ظني أنه لا يمكن إقرار حدود جديدة أو إنشاء كيانات سياسية لم يكن لها وجود بغير حرب أو قتال (الخيانة العربية الكبرى ص365 لأحمد رائف) واليهود لا يغفلون عن هذه الحقيقة، فعندهم فلاسفة ومفكرون ومنظرون لهم فكر ونظر في تكون الدول والمجتمعات، وهناك عوامل عديدة ينبغي توفرها لإقامة دولة مثل إسرائيل، قد جمعت إليها مهاجرين من كل بلاد الأرض، بثقافاتهم المختلفة، ورؤاهم المتباينة، وعاداتهم المتضاربة، وانتماءاتهم العميقة البعيدة عن هذه الأرض الجديدة التي يقول عنها الحاخامات ورجال الدين إنها أرض الميعاد. فلتكن هي كذلك ولكن لا بد من عامل رئيسي وهام يربط ذلك الوافد الغريب بتلك الأرض الجديدة. وأعظم العوامل التي تربط الشتات من البشر إن اجتمعوا في رقعة ما من الأرض هو الخطر المحدق والمحيط بهم. لهذا فليكن خطر العرب هو المادة التي يمكن أن تحدث التفاعل الإنساني بين هؤلاء القادمين، حيث يمسك كل واحد منهم السلاح في يده ويقف بجوار الآخر ينتظرون خطرا قادما من وراء التخوم عليهم مواجهته والوقوف أمامه.
وهذا الدواء ينبغي تعاطيه لمدة أربعين عاما على الأقل، حيث تظهر أجيال جديدة تنتمي إلى الأرض، وتصير بينهم وبينها صلة، ويصبح وطنا حقيقيا لكل الأبناء والأحفاد.
وهذا ما حدث في أرض فلسطين (المصدر السابق).
ولا بد أن تكون هذه الحرب حربا نظامية، يمكن السيطرة على أطرافها في أي وقت، سواء بإيقاف الحرب أو بفرض
مسلسل الخيانات في الجانب العربي قدم أعظم الخدمات لإسرائيل وجعلها تبدو كذئب جائع بين الحملان. |
نوع من الهدنة أو غير ذلك من الوسائل التي تفرض بها الدول الكبرى نفوذها، وتؤكد سيطرتها، بخلاف حرب العصابات التي لا يمكن السيطرة عليها ولا يعرف متى تبدأ ولا أين تبدأ. مما يسبب للذين يقاتلون من وراء جدر إزعاجا أيما إزعاج، وفي سبيل إلغاء هذه الحرب التي لا يسيطرون يبذلون كل جهد، وهذا ما دفع بحكومة النقراشي باشا في مصر لأن تجمع “الأخوان المسلمين” من أرض المعركة وتعتقلهم هناك، ثم تنقلهم إلى المعتقلات داخل مصر.
وكان هذا العمل جزءا من مسلسل الخيانات، الذي هو ثمرة من ثمرات الاتصال بين بعض قادة العرب وإسرائيل، (وقد أمكن رصد هذه الاتصالات بين إسرائيل والملك حسين منذ عام 1950م فزادت عن خمسمائة ساعة من المباحثات السرية، اجتمع فيها مع قيادات حزب العمل حتى سنة 1985م أكثر من خمسين اجتماعا في أماكن متفرقة في العالم، والتقى بايجالو آلون 14 مرة، و (أبا ايبان) 12 مرة، وإسحاق رابين 8 مرات، وجولدا مائير 4 مرات، وموشى دايان 3 مرات، ودافيد اليعازر مرة واحدة، والتقى بشيمون بيريز 9 مرات) (انظر: العرش الأردني بين الخيانة والتآمر محمد العباسي ص180 نقلا عن الخيانة العربية الكبرى).
دور الملك حسين:
ودور الملك حسين المناصر لليهود والسائر على درب جده عبدالله سوف يبقى في التاريخ العربي الحديث نقطة سوداء، تحجب خدمات كثيرة قدمت لليهود، من أهمها نقل المقررات العربية إلى اليهود وإعلامهم بكل خطة حربية تصل إليه حتى إن الحرب الوحيدة التي انتصر فيها العرب سنة 1973م هي التي لم يعلم الملك حسين بموعدها على وجه الدقة والتحديد، وما عمله هذا إلا لأنه يعتبر أن بقاءه مرتبط ببقاء إسرائيل ومساندتها، وهو في ذلك يتبع سياسة جده عبدالله وجده فيصل بن الحسين الذي كتب لليهود: “إننا نعتبر العرب واليهود أبناء عمومة في الجنس وقد تعرضوا لاضطهادات مماثلة على أيدي قوى أقوى منهم، واستطاعوا لحسن الحظ أن يحققوا الخطوة الأولى نحو أهدافهم القومية، فإننا نحن العرب والمثقفين منا بوجه خاص نشعر نحو الحركة الصهيونية بأعمق المشاعر) (العرش الأردني بين الخيانة والتآمر ص36 محمد العباسي).
ويأبى الملك حسين إلا أن يستمر دوره وأن يطبع الأحداث بطابعه حتى في هذه المفاوضات الأخيرة في (واي
تقوم الدولة العظمى الآن (أمريكا) بدور الدولة العظمى سابقا (بريطانيا) في التمكين لإسرائيل وتغلبها على جيرانها، ومدها بأسباب القوة والنماء. |
بلاتيشن) حيث ساعد في دفع الأطراف المعنية نحو التوصل إلى اتفاق، بعد أن استعان به كلينتون الذي يعلم أن له علاقة وثيقة مع الطرفين (كما تقول صحيفة الشرق الأوسط) وقد حضر الملك خصيصا من مستشفاه (مايو كلينيك) في ولاية منيسوتا حيث يتلقى العلاج الكيماوي من مرض سرطان الغدة الليمفاوية، وقد ساعد على إخراج المفاوضات من مأزقها وكانت جهود الملك حسين وجورج تينيت مدير (سي.أي.أيه) عاملا مهما في استمرار التفاوض والوصول إلى النتيجة التي يرتضيها اليهود ولا يرضاها أو يقبل بها مسلم عرف ربه، وآمن بحقه في وطنه واستعد للدفاع عنه.
ويبقى أن نقول: إن اليهود استغلوا من أجل قيام دولتهم وبقائها كل حادثة وكل فرصة، على حين أضاع العرب كل فرصة تقربهم من هدفهم أو تساعد في عودة أرضهم، فاستغل اليهود الأحداث وسخروا الأشخاص بعد أن مكنوا لهم في الأرض، وحاربوا إن كانت الحرب لمصلحتهم، وسالموا إن كان السلم في صالحهم، وهم في سبيل استيلائهم على الأرض واستبقائها تحت أيديهم لا يحترمون وعدا ولا يوفون بعهد ولا يحترمون شخصا، والشواهد كثيرة وقرارات الأمم المتحدة التي لصالح العرب أكثر من أن تحصى، والمعاهدات التي بينهم وبين العرب عديدة لم ينفذ أكثر بنودها وما نفذ فلمصلحة قريبة أو لتحقيق أهداف بعيدة. فمتى تكون أعمالنا موافقة لهذا العلم؟ غير بعيدة عن هذا الفهم؟